بناة اللامساواة: كيف تعزز شروط صندوق النقد الدولي 'الليفياثان المستبد'

بناءً على الورقة البحثية القادمة لسانتوش ميهروترا وشادي حسن

الجزء الأول: الإطار التأسيسي وحدوده

النظريات المؤثرة في الحوكمة والتنمية، وأبرزها إطار "الممر الضيق" لأجموغلو وروبنسون، تشرح التطور السياسي الداخلي التاريخي للدول. يفترض هذا المنظور أن الدول التي تعاني من اختلال عميق في توازن القوى بين الدولة والمجتمع غالبًا ما تصبح "ليفياثان مستبد" — وهي أنظمة تتميز بمؤسسات استخراجية واستيلاء النخبة على السلطة. وفي حين أن هذا الإطار ضروري لفهم طبيعة الدولة، إلا أن له قيودًا في تفسير دور القوى الخارجية المعاصرة، حيث أنه ينظر في المقام الأول إلى "الليفياثان المستبد" كنظام مكتفٍ ذاتيًا.

الجزء الثاني: مساهمة الورقة البحثية: نظرية "الاستبداد المدعوم خارجيًا"

تُعزز هذه الورقة إطار "الممر الضيق" من خلال تقديم نظرية "الاستبداد المدعوم خارجيًا". نحن نجادل بأنه في النظام العالمي المعاصر، فإن "الليفياثان المستبد" ليس مجرد نظام مكتفٍ ذاتيًا؛ بل يتم تمكينه بنشاط من خلال هيكلية مالية عالمية تعمل كـ"آلة لا سياسية"، تقدم الخيارات السياسية على أنها ضرورات فنية.

١. الفاعلون الخارجيون كبناة

يعمل صندوق النقد الدولي كمهندس أساسي لنظام مالي يرسخ سلطة الدولة الاستبدادية، كنتيجة مباشرة لشروط صريحة مثل إلغاء الإقراض المدعوم.

٢. تحديد الآلية الدقيقة

الآلية هي مشكلة الوكالة، حيث تحفز سياسات الصندوق الوكلاء المحليين (صناع السياسات) لخدمة طبقة دائنة على حساب مواطنيهم.

٣. القياس الكمي للهيكلية

يتم قياس منطق النظام من خلال ديناميكية حادة r > g، حيث يتم هندسة عوائد رأس المال هيكليًا لتتجاوز النمو الاقتصادي.

الجزء الثالث: محرك الهيكلية: مشكلة الوكالة في الممارسة العملية

نظام أسعار الفائدة المرتفعة الذي يفرضه صندوق النقد الدولي يربط بشكل مباشر الحوافز المالية الشخصية لـ "الوكلاء" المحليين (المصرفيين، مديري الصناديق، الممارسين الماليين المرتبطين بالدولة) بنظام السعي الريعي. وهذا يعمل في الممارسة العملية على النحو التالي:

  • انحراف الحوافز

    يعاني النشاط الأساسي للوساطة المالية من أجل التنمية. بدلاً من ذلك، تصبح مقاييس الأداء والأرباح والمكافآت للممارسين الماليين مرتبطة بتحقيق عوائد عالية وخالية من المخاطر من الديون الحكومية، وليس بالإقراض المنتج. تصبح ربحية القطاع المالي منفصلة عن صحة الاقتصاد الحقيقي.

  • تهميش القطاع المنتج

    هيكل الحوافز موجه بالكامل نحو السعي الريعي بدلاً من النمو. وهذا ما يثبته اكتشاف أساسي من الورقة: النظام المالي يخلق الآن سيولة للريعيين السلبيين (ما يقدر بـ ٢.٣٥ تريليون جنيه من دخل الفوائد السنوي) أكثر من كامل الرصيد القائم للائتمان الممنوح لقطاع الأعمال الخاص (١.٨٧ تريليون جنيه).

  • تغذية فقاعات الأصول

    السيولة الهائلة التي يتم ضخها في أيدي نخبة ضيقة، جنبًا إلى جنب مع نقص فرص الاستثمار المنتج، تغذي فقاعات الأصول المضاربية، لا سيما في العقارات، مما يزيد من اتساع فجوة الثروة.

الجزء الرابع: تطبيق الإطار الموسع على فخ الدخل المتوسط

يقدم هذا الإطار الموسع تفسيراً جديداً وقوياً لسبب بقاء البلدان عالقة في فخ الدخل المتوسط. إن هيكلية صندوق النقد الدولي، من خلال إضفاء الطابع المؤسسي على السعي الريعي (`r > g`)، تمنع بنشاط ظهور المؤسسات الشاملة والمنتجة اللازمة للنمو القائم على الابتكار. إنها تخلق تحالفاً محلياً قوياً من النخب لديه مصلحة راسخة في الحفاظ على الوضع الراهن القائم على النمو المنخفض والاستخراج المرتفع، مما يحبس البلاد في فخ سياسي يجعل التحول الاقتصادي مستحيلاً.

الجزء الخامس: دراسة حالة: مصر كدليل تجريبي

أ. مخطط الاستخراج

رفع أسعار الفائدة بشكل حاد

الهدف المعلن: كبح التضخم.


الغرض الفعلي:

  • مضاعفة الدين العام المحلي.
  • جعل الاقتراض باهظ التكلفة للشركات المنتجة.
  • هندسة إعادة توزيع ضخمة ورجعية للدخل.

إلغاء مبادرات الإقراض من البنك المركزي

الهدف المعلن: إنهاء تشوهات السوق.


الغرض الفعلي:

  • قطع الائتمان الميسر عن القطاعات الصناعية والزراعية بشكل متعمد، مما يضعف الاقتصاد المنتج.
  • جعل الاقتراض باهظ التكلفة للشركات المنتجة.

تخفيض سريع لقيمة العملة

الهدف المعلن: تعزيز الصادرات.


الغرض الفعلي:

  • تآكل ثروة السكان مع حماية أصول النخبة المقومة بالدولار.
  • تخفيض قيمة الشركات المنتجة المحلية وأصولها.
  • تسهيل استحواذ الشركات الأجنبية على الشركات المنتجة.
  • تسهيل استيلاء النخبة المحلية على الأصول الإنتاجية العامة.

حقيقة أساسية: التكلفة الاجتماعية لأسعار الفائدة

زيادة واحدة بنسبة ١٪ في سعر الفائدة تكلف الجمهور ٨٧ مليار جنيه — أكثر من جميع عائدات الخصخصة المخطط لها (٦٧ مليار جنيه) و ٦٨٪ من ميزانية دعم الغذاء بأكملها.

ب. الدليل: ثروة أمة يتم تحويلها

النتائج الملموسة واضحة من التحليل التجريبي للورقة، والذي يركز بشكل خاص على الدين المحلي بالعملة المحلية الذي يحتفظ به المقيمون. تعمل الهيكلية المالية تمامًا كما تم تصميمها، وليس كفشل في السوق.

أولويات الميزانية: توقعات السنة المالية ٢٠٢٤/٢٠٢٥

٢.١٥ ت

جنيه للدائنين

٠.١٥ ت

جنيه لدعم الغذاء

مدفوعات الفائدة للدائنين المحليين تتجاوز ميزانية دعم الغذاء بأكثر من ١٤ مرة.

ج. النهاية: الاستيلاء على الدولة والفخ السياسي المحكم

١. هيكلية الصندوق تخلق طبقة ريعية
٢. الطبقة الريعية تستولي على الدولة
٣. يتم تعزيز "الليفياثان المستبد"
٤. الفخ السياسي يُحكم إغلاقه

الجزء السادس: هيكلية بديلة: الآثار المترتبة على السياسات

يتطلب كسر الحلقة تحولًا نموذجيًا يعطي الأولوية لتعزيز قوة المجتمع وبناء قدرة الدولة على التنمية، وليس الاستخراج. تقترح الورقة أجندة بديلة مبنية على أربعة ركائز:

🏛️

استعادة البنك المركزي للتنمية

توسيع تفويض البنك المركزي إلى ما هو أبعد من استهداف التضخم ليشمل الأهداف التنموية، باستخدام ميزانيته العمومية والائتمان الموجه لدعم القطاعات الإنتاجية.

⚖️

تحقيق العدالة المالية

بناء القدرة المالية للدولة من خلال الضرائب التصاعدية على الثروة والدخل، وتوجيه الإيرادات نحو الصحة الشاملة والتعليم والحماية الاجتماعية.

🔧

معالجة مشكلة الوكالة

فصل مقاييس الأداء والمكافآت للممارسين الماليين العموميين عن أي أرباح ناتجة عن الدين العام لإعادة مواءمة الحوافز مع الصالح العام.

🛡️

إنشاء ضمانات مؤسسية

إنشاء مؤسسات مستقلة، مثل مجلس مالي، لتقديم تحليل شفاف وغير حزبي لسياسة الميزانية والعمل كرقابة على السياسات الاستخراجية.

الجزء السابع: نمط من السياسات: التوازي مع اليونان

"تجربة مصر ليست حالة شاذة. إنها تعكس أزمة اليونان، حيث أدت برامج مماثلة بقيادة صندوق النقد الدولي إلى انتهاكات عميقة لمعايير العدالة المجتمعية. وهذا يشير إلى قضية نظامية في تصميم برامج الصندوق، والتي تفشل في مراعاة - بل وتفاقم - التفاوتات العميقة، بغض النظر عن السياق الإقليمي."